ثقافة الهزيمة:
أخطر ما يواجه الأمة -أي أمة- في تسييرها وجود ثقافة منهزمة تريد أن تهبط بها حيث يكون الهبوط، وتتردى بها حيث يكون التردي، ثم تستبد بها من حيث لا تشعر؛ ذلك أن الإنسان الموجهة له هذه الثقافة يبدأ التعايش معها تدريجياً حتى تكون جزءاً منه، ثم يتحول إلى مدافع عنها ثم مقاتل من أجلها. وهذه الثقافة أقوى سلاح في يد أمة تريد هزيمة أمة أخرى، وأهمية هذا السلاح أنه لا يتطلب سوى الترتيب والبحث عن مصادر الضعف في الضحية، ثم اختراقها إلى أن تستسلم له طواعية .
وثقافة الهزيمة سلاح قديم وسلاح حديث. أما كونه قديماً فقد قرأناه في المراحل التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤسس فيها كيان الأمة، فينشلها بالرسالة من مستنقع الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم، ومن ذل الاستعباد والتبعية إلى قمة العزة والسيادة، ومن بيئة القتل والسلب والنهب إلى دولة الأمن والسلم.
وفي ذلك المناخ كان المناوئون لهذه الرسالة من أصحاب المصالح من العرب أنفسهم، ومن بقايا الأمم المندسة بينهم يبثون ثقافة الهزيمة بين المؤمنين؛ فهناك نفر في مكة يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيح جبال مكة عنهم، وآخرون يطالبونه بتفجير الأرض لهم عيوناً وأنهاراً، ثم يقولون لمن حولهم إن لم يفعل فهو ليس بنبي. وهناك نفر في المدينة يبثون الإشاعات، ويكذبون الرسالة، ويفرحون بما يصيب المؤمنين من أذى خاصة بعد معركة أحد؛ فقد خرج ابن قميئة إلى المشركين وقال لهم: لقد قتلت محمداً. مع أنه يعرف أنه يكذب فيما قال، ولكنه أراد ومن معه من المشركين إضعاف ما بقي لدى المسلمين من قوة بعد المعركة. وقد حقق ما أراد حين وقع قوله في نفوس بعض المؤمنين موقع التصديق، مما أثر في نفسياتهم وعزائمهم في القتال، وفي الثقة بالرسالة فأنكر الله عليهم ذلك بقوله عز وجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على" أعقابكم ومن ينقلب على" عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (1). وقوله: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (2).
وأما ثقافة الهزيمة في العصر الحديث فيقوم عليها اليوم إما منظمات (فكرية أو دينية) تمولها بالمال (إدارات الرصد الأجنبية) بعد أن دثَّرت هذه المنظمات بمسميات تغري البسطاء والغفل من الناس إلى أن تتمكن منهم. وإما أن يقوم على هذه الثقافة أفراد يعملون لحساب هذه المنظمات، وهم في ذلك إما (مأجور) باع قيمه وتراثه وعقيدته وتاريخه وأمته بعرض من الدنيا، وإما بسيط في تفكيره لا يعرف من الكلمة إلا سطحيتها، ولا يفقه من العلم إلا ما تردده هذه المنظمات من كلمات تغسل بها فكره، وتمسح بها عقله، وتزيد بها غشاوته، فيظن أنه يفعل ما يفعل لصالح أمته وهو أبعد ما يكون عن ذلك .
ألم تروا ما يقوم به هؤلاء من التعلق بالفكر الأجنبي ووصفهم له بالريادة العقلية، وهجومهم على تراث أمتهم وفكرها ووصفهم له بالتخلف، ومطالبتهم لأصحابه بالانكفاء عليه.
ألم تروا كيف أن دولة مسلمة كانت قوة عصرها، حتى حكمت معظم ما حولها من البلدان، ثم ما لبثت أن انحسرت بعد أن استطاع عدوها بث ثقافة الهزيمة فيها، حتى تحول أحد أبنائها إلى تابع له ما لبث أن قلب حضارتها فأصبحت أجيالها بحكم مرور الزمان لا تعي إلا ما وضعه لها.
إن الزمان لا يتغير، والصراع يظل أزلياً بين أمم تريد أن تبقى حية وأمم أخرى تموت وهي لا تدري أن من بين أبنائها من يدعوها إلى هذه النهاية .
ويبقى على أمة المسلمين أن تستيقظ وتحارب بكل قوة ثقافة الهزيمة قبل أن يغرقها الطوفان الذي يحيط بها من كل جانب.
أتمنى من الجميع المشاركة فى هذا الموضوع والأدلاء بأرائهم عما يعرفوه عن ثقافة الهزيمة بصورة عامة وبصورة شخصية .
أخطر ما يواجه الأمة -أي أمة- في تسييرها وجود ثقافة منهزمة تريد أن تهبط بها حيث يكون الهبوط، وتتردى بها حيث يكون التردي، ثم تستبد بها من حيث لا تشعر؛ ذلك أن الإنسان الموجهة له هذه الثقافة يبدأ التعايش معها تدريجياً حتى تكون جزءاً منه، ثم يتحول إلى مدافع عنها ثم مقاتل من أجلها. وهذه الثقافة أقوى سلاح في يد أمة تريد هزيمة أمة أخرى، وأهمية هذا السلاح أنه لا يتطلب سوى الترتيب والبحث عن مصادر الضعف في الضحية، ثم اختراقها إلى أن تستسلم له طواعية .
وثقافة الهزيمة سلاح قديم وسلاح حديث. أما كونه قديماً فقد قرأناه في المراحل التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤسس فيها كيان الأمة، فينشلها بالرسالة من مستنقع الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم، ومن ذل الاستعباد والتبعية إلى قمة العزة والسيادة، ومن بيئة القتل والسلب والنهب إلى دولة الأمن والسلم.
وفي ذلك المناخ كان المناوئون لهذه الرسالة من أصحاب المصالح من العرب أنفسهم، ومن بقايا الأمم المندسة بينهم يبثون ثقافة الهزيمة بين المؤمنين؛ فهناك نفر في مكة يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيح جبال مكة عنهم، وآخرون يطالبونه بتفجير الأرض لهم عيوناً وأنهاراً، ثم يقولون لمن حولهم إن لم يفعل فهو ليس بنبي. وهناك نفر في المدينة يبثون الإشاعات، ويكذبون الرسالة، ويفرحون بما يصيب المؤمنين من أذى خاصة بعد معركة أحد؛ فقد خرج ابن قميئة إلى المشركين وقال لهم: لقد قتلت محمداً. مع أنه يعرف أنه يكذب فيما قال، ولكنه أراد ومن معه من المشركين إضعاف ما بقي لدى المسلمين من قوة بعد المعركة. وقد حقق ما أراد حين وقع قوله في نفوس بعض المؤمنين موقع التصديق، مما أثر في نفسياتهم وعزائمهم في القتال، وفي الثقة بالرسالة فأنكر الله عليهم ذلك بقوله عز وجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على" أعقابكم ومن ينقلب على" عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (1). وقوله: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (2).
وأما ثقافة الهزيمة في العصر الحديث فيقوم عليها اليوم إما منظمات (فكرية أو دينية) تمولها بالمال (إدارات الرصد الأجنبية) بعد أن دثَّرت هذه المنظمات بمسميات تغري البسطاء والغفل من الناس إلى أن تتمكن منهم. وإما أن يقوم على هذه الثقافة أفراد يعملون لحساب هذه المنظمات، وهم في ذلك إما (مأجور) باع قيمه وتراثه وعقيدته وتاريخه وأمته بعرض من الدنيا، وإما بسيط في تفكيره لا يعرف من الكلمة إلا سطحيتها، ولا يفقه من العلم إلا ما تردده هذه المنظمات من كلمات تغسل بها فكره، وتمسح بها عقله، وتزيد بها غشاوته، فيظن أنه يفعل ما يفعل لصالح أمته وهو أبعد ما يكون عن ذلك .
ألم تروا ما يقوم به هؤلاء من التعلق بالفكر الأجنبي ووصفهم له بالريادة العقلية، وهجومهم على تراث أمتهم وفكرها ووصفهم له بالتخلف، ومطالبتهم لأصحابه بالانكفاء عليه.
ألم تروا كيف أن دولة مسلمة كانت قوة عصرها، حتى حكمت معظم ما حولها من البلدان، ثم ما لبثت أن انحسرت بعد أن استطاع عدوها بث ثقافة الهزيمة فيها، حتى تحول أحد أبنائها إلى تابع له ما لبث أن قلب حضارتها فأصبحت أجيالها بحكم مرور الزمان لا تعي إلا ما وضعه لها.
إن الزمان لا يتغير، والصراع يظل أزلياً بين أمم تريد أن تبقى حية وأمم أخرى تموت وهي لا تدري أن من بين أبنائها من يدعوها إلى هذه النهاية .
ويبقى على أمة المسلمين أن تستيقظ وتحارب بكل قوة ثقافة الهزيمة قبل أن يغرقها الطوفان الذي يحيط بها من كل جانب.
أتمنى من الجميع المشاركة فى هذا الموضوع والأدلاء بأرائهم عما يعرفوه عن ثقافة الهزيمة بصورة عامة وبصورة شخصية .