{وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}.
الفرقان/63
لا أدري...
يقول العلامة المطهري رحمه الله :
أيام الدراسة ذهبت في إحدى السنين إلى نجف آباد قرب أصفهان.. كان الوقت شهر رمضان ، عطلت الدروس وكان أصدقاؤنا هناك.. ذات يوم كنت أريد اجتياز الشارع إلى الطرف الآخر ، وعندما وصلت إلى وسط الطريق جاءني قروي وقال : مولانا!.. عندي مسألة ، فأجبني على مسألتي ، قلت : قل!.. قال : هل يتعلق غسل الجنابة بالبدن أم بالروح ؟..
قلت : أنا لا أفهم معنى هذا الكلام ، غسل الجنابة كأي غسل ، وتنبهت إلى أنه قد يكون فكر في معنى صحيح ، قلت : هو من جهة مرتبط بروح الإنسان ، لأنه يحتاج إلى نية ، ومن جهة أخرى يرتبط بالبدن لأن الإنسان يغسل بدنه ، وسألته : هذا هو مرادك ؟..
قال : لا ، أجبني جواباً صحيحاً ، غسل الجنابة يتعلق بالبدن أم بالروح ؟.. قلت : لا أدري..
قال : فلماذا كورت هذه العمامة على رأسك ؟!..[سيرة نبوي/611].
صعدت بمقدار معلوماتي:
ابن الجوزي ، أحد الخطباء المعروفين في عصره .. ارتقى منبراً ذا درجات ثلاث ، وبدأ يتحدث للناس فقامت امرأة من الجالسين وسألته سؤالاً قال : لا أدري.. قالت : إذا كنت لا تدري فلِمَ جلست فوق الناس بثلاث درجات ؟.. قال : هذه الدرجات الثلاث التي صعدتها هي بمقدار ما أعلم أنا ولا تعلمونه أنتم ، لقد صعدت بمقدار معلوماتي ، ولو أني أريد أن أصعد بمقدار مجهولاتي ، لكان ينبغي أن يصنع لي منبراً يلامس فلك الأفلاك.[سيرة/115/116].
القاسم بن محمد بن أبي بكر :
( أحد فقهاء المدينة المتفق على علمه وفقهه بين المسلمين ) كما وصفه الشهيد الثاني وأضاف : سئل عن شيء فقال : لا أحسنه ، فقال السائل : إني جئت إليك لا أعرف غيرك ، فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي ، وكثرة الناس حولي ، والله ما أحسنه.. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يا بن أخي الزمها فوالله ما رأيتك في مجلس انبه منك مثل اليوم ، فقال القاسم : والله لأن يقطع لساني أحب إليَّ أن أتكلم بما لا علم لي به.[منية المريد/140].
______________________________________
إقرار بالحق...
الميرزا الشيرازي رحمه الله:
يقول الشيخ آقا بزركَك في سياق تعداد تلامذة الميرزا :
كان المولى محمد الهرندي تلميذ العلامة الأنصاري ، وكان مرجعاً في مدينته ، وبعد سنة 1300 هـ . ق. رجع ( إلى العراق ) لزيارة العتبات المقدسة ، وكان له لقاء بالميرزا ، وجرى بحث هذين العظيمين في إحدى المسائل ، وبعد ذلك عاد إلى الكاظمية.. وتنبه الميرزا الشيرازي فيما بعد أن الحق مع المولى الهرندي فأمر أن يكتبوا له بذلك ، ويرسلوا الرسالة ( سامراء ) إليه مع رسول يتوجه إليه لهذا السبب قبل مغادرته ، ليخبره بأن الحق معه.
قال الميرزا : كم للمرحوم الشيخ – الأنصاري- من التلامذة الفحول ملأوا فجاج الأرض وهم مجهولون. [ميرزاي شيرازي/ 145].
في مجلس الدرس:
اشترك الآخوند الخراساني ذات يوم في درس استاذه في سامراء، ليتبرك بحديثه.. كان الاستاذ جالساً على منبر يستدل على وجهة نظره في إحدى مسائل الدرس ، فأشكل الآخوند على ما اختاره الاستاذ ، وأوضح رأياً أخر يتبناه.
وأجابه الأستاذ مفنداً أدلة تلميذه ، وأضاف أدلة أخرى على ما ذهب إليه ، وتكرر هذا الأمر بينهما مرتين أو ثلاثاً ، وكان سائر الطلاب ساكتين يتابعون ما يجري بدقة ، وعندما احتدم النقاش قبل الآخوند رأي استاذه احتراماً له وسكت.
انتهى الدرس.. وفي اليوم التالي عندما ارتقى الميرزا المنبر ، وقبل أن يبدأ الدرس توجه إلى الطلاب والفضلاء الحاضرين قائلاً : المسألة التي دار البحث فيها أمس ، الحق مع جناب الآخوند ورأيه هو الصحيح.[مركَي در نور/71].
الاستفادة من التلميذ :
بلغ المستوى العلمي ، وقدرة الإستنباط عند آية الله العظمة البروجردي (رضوان الله عليه) إلى حد أنه كان في شبابه يعترض على أستاذه الآخوند الخراساني ويشكل عليه.
كان الآخوند الخراساني من المدرسين الذين يقل نظيرهم في العالم الإسلامي ، فقد كان في الأصول عالماً استثنائياً ومن أساتذة هذا العلم ، كما كان في فن التدريس أستاذاً لا نظير له ، وكان يتمتع بقدرة عجيبة في البيان والتحقيق والتقرير..
كان يشترك في درسه حوالي ألف ومائتي شخصاً ، ولعل خمسمائة منهم كانوا مجتهدين.. يقال أن صوته كان قوياً بحيث أن صوته بدون مكبر كان يملأ فضاء المسجد ، وإذا أراد تلميذ أن يشكل كان عليه أن يقف ويقول ما يريد.
في مقابل استاذ قدير من هذا النوع ، وقف آية الله البروجردي – وفي شبابه - وطرح اشكاله وقرر ما يريد بيانه ، قال المرحوم الآخوند : أعد كلامك !.. وكرر البروجردي كلامه ، فرأى الآخوند أن كلامه سليم إشكاله وارد ، ولذلك قال : الحمد لله لم أمت حتى استفدت من تلميذي ( التواضع دليل الوصول إلى الكمال ، لأن الراكب عندما يصل يترجل ). [حكايتها وهدايتها در آثار شهيد مطهري/106 والسطر الأخير ترجمة بيت شعر فارسي].
الفرقان/63
لا أدري...
يقول العلامة المطهري رحمه الله :
أيام الدراسة ذهبت في إحدى السنين إلى نجف آباد قرب أصفهان.. كان الوقت شهر رمضان ، عطلت الدروس وكان أصدقاؤنا هناك.. ذات يوم كنت أريد اجتياز الشارع إلى الطرف الآخر ، وعندما وصلت إلى وسط الطريق جاءني قروي وقال : مولانا!.. عندي مسألة ، فأجبني على مسألتي ، قلت : قل!.. قال : هل يتعلق غسل الجنابة بالبدن أم بالروح ؟..
قلت : أنا لا أفهم معنى هذا الكلام ، غسل الجنابة كأي غسل ، وتنبهت إلى أنه قد يكون فكر في معنى صحيح ، قلت : هو من جهة مرتبط بروح الإنسان ، لأنه يحتاج إلى نية ، ومن جهة أخرى يرتبط بالبدن لأن الإنسان يغسل بدنه ، وسألته : هذا هو مرادك ؟..
قال : لا ، أجبني جواباً صحيحاً ، غسل الجنابة يتعلق بالبدن أم بالروح ؟.. قلت : لا أدري..
قال : فلماذا كورت هذه العمامة على رأسك ؟!..[سيرة نبوي/611].
صعدت بمقدار معلوماتي:
ابن الجوزي ، أحد الخطباء المعروفين في عصره .. ارتقى منبراً ذا درجات ثلاث ، وبدأ يتحدث للناس فقامت امرأة من الجالسين وسألته سؤالاً قال : لا أدري.. قالت : إذا كنت لا تدري فلِمَ جلست فوق الناس بثلاث درجات ؟.. قال : هذه الدرجات الثلاث التي صعدتها هي بمقدار ما أعلم أنا ولا تعلمونه أنتم ، لقد صعدت بمقدار معلوماتي ، ولو أني أريد أن أصعد بمقدار مجهولاتي ، لكان ينبغي أن يصنع لي منبراً يلامس فلك الأفلاك.[سيرة/115/116].
القاسم بن محمد بن أبي بكر :
( أحد فقهاء المدينة المتفق على علمه وفقهه بين المسلمين ) كما وصفه الشهيد الثاني وأضاف : سئل عن شيء فقال : لا أحسنه ، فقال السائل : إني جئت إليك لا أعرف غيرك ، فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي ، وكثرة الناس حولي ، والله ما أحسنه.. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يا بن أخي الزمها فوالله ما رأيتك في مجلس انبه منك مثل اليوم ، فقال القاسم : والله لأن يقطع لساني أحب إليَّ أن أتكلم بما لا علم لي به.[منية المريد/140].
______________________________________
إقرار بالحق...
الميرزا الشيرازي رحمه الله:
يقول الشيخ آقا بزركَك في سياق تعداد تلامذة الميرزا :
كان المولى محمد الهرندي تلميذ العلامة الأنصاري ، وكان مرجعاً في مدينته ، وبعد سنة 1300 هـ . ق. رجع ( إلى العراق ) لزيارة العتبات المقدسة ، وكان له لقاء بالميرزا ، وجرى بحث هذين العظيمين في إحدى المسائل ، وبعد ذلك عاد إلى الكاظمية.. وتنبه الميرزا الشيرازي فيما بعد أن الحق مع المولى الهرندي فأمر أن يكتبوا له بذلك ، ويرسلوا الرسالة ( سامراء ) إليه مع رسول يتوجه إليه لهذا السبب قبل مغادرته ، ليخبره بأن الحق معه.
قال الميرزا : كم للمرحوم الشيخ – الأنصاري- من التلامذة الفحول ملأوا فجاج الأرض وهم مجهولون. [ميرزاي شيرازي/ 145].
في مجلس الدرس:
اشترك الآخوند الخراساني ذات يوم في درس استاذه في سامراء، ليتبرك بحديثه.. كان الاستاذ جالساً على منبر يستدل على وجهة نظره في إحدى مسائل الدرس ، فأشكل الآخوند على ما اختاره الاستاذ ، وأوضح رأياً أخر يتبناه.
وأجابه الأستاذ مفنداً أدلة تلميذه ، وأضاف أدلة أخرى على ما ذهب إليه ، وتكرر هذا الأمر بينهما مرتين أو ثلاثاً ، وكان سائر الطلاب ساكتين يتابعون ما يجري بدقة ، وعندما احتدم النقاش قبل الآخوند رأي استاذه احتراماً له وسكت.
انتهى الدرس.. وفي اليوم التالي عندما ارتقى الميرزا المنبر ، وقبل أن يبدأ الدرس توجه إلى الطلاب والفضلاء الحاضرين قائلاً : المسألة التي دار البحث فيها أمس ، الحق مع جناب الآخوند ورأيه هو الصحيح.[مركَي در نور/71].
الاستفادة من التلميذ :
بلغ المستوى العلمي ، وقدرة الإستنباط عند آية الله العظمة البروجردي (رضوان الله عليه) إلى حد أنه كان في شبابه يعترض على أستاذه الآخوند الخراساني ويشكل عليه.
كان الآخوند الخراساني من المدرسين الذين يقل نظيرهم في العالم الإسلامي ، فقد كان في الأصول عالماً استثنائياً ومن أساتذة هذا العلم ، كما كان في فن التدريس أستاذاً لا نظير له ، وكان يتمتع بقدرة عجيبة في البيان والتحقيق والتقرير..
كان يشترك في درسه حوالي ألف ومائتي شخصاً ، ولعل خمسمائة منهم كانوا مجتهدين.. يقال أن صوته كان قوياً بحيث أن صوته بدون مكبر كان يملأ فضاء المسجد ، وإذا أراد تلميذ أن يشكل كان عليه أن يقف ويقول ما يريد.
في مقابل استاذ قدير من هذا النوع ، وقف آية الله البروجردي – وفي شبابه - وطرح اشكاله وقرر ما يريد بيانه ، قال المرحوم الآخوند : أعد كلامك !.. وكرر البروجردي كلامه ، فرأى الآخوند أن كلامه سليم إشكاله وارد ، ولذلك قال : الحمد لله لم أمت حتى استفدت من تلميذي ( التواضع دليل الوصول إلى الكمال ، لأن الراكب عندما يصل يترجل ). [حكايتها وهدايتها در آثار شهيد مطهري/106 والسطر الأخير ترجمة بيت شعر فارسي].