استغلال الآخرين؛ ماذا يعني؟
علي ضميري
هل تساءلتم أيها الأعزاء عن السبب أو الأسباب التي تدفع بالبعض من البشر لاتخاذ طرق ملتوية أو ضالة في الحياة؟ علماً أن المسير ضمن الطرق الملتوية تعتوره العديد من الصعوبات والمشاكل والعواقب الوخيمة، بينما الانطلاق ضمن جادة الصواب والاستقامة على الطريق الصحيح أكثر سهولة، وأفضل نتائج لمن أراد الراحة وتجنب المشاكل والحصول على العاقبة الحسنى في الدارين؛ الدنيا والآخرة.
ولاريب في أن اتخاذ الإنسان لقرار ما في حياته تسبقه مقدمات تدفعه أو تؤهله إلى اتخاذه، سواء كان هذا القرار ذا شأن بسيط، مثل اتخاذ هذه المهنة أو تلك أو قراءة هذا الكتاب أو ذاك أو الخروج إلى سفرٍ ما أو كان هذا القرار قراراً مصيرياً مثل تشييد صرح الحياة الزوجية أو الهجرة أو غير ذلك من الأمور المهمة.
فأن يعمد الإنسان إلى أسلوب الحيلة والمكر في تعامله مع نفسه ومع الناس فإن ذلك يعني كونه يختزل في ذهنه ونمط تفكيره وقناعاته العقلية والعاطفية نوعاً ونمطاً من التربية تدفعه إلى تجاوز حرمات الآخرين، وتجاوز التعاليم الدينية والإنسانية التي تحذره دائماً من مغبة استغلال من حوله، كما تحرم عليه السلوك الأناني والتفكير المصلحي الذي ينطلق من حب الذات والدنيا، وينصب على كيفية الاستفادة من الآخرين دون التفاعل معهم.
إذن؛ فمن يتخذ سلوك الحيلة والمكر تدفعه عوامل عدة وتبدو عليه صورٌ شتى كما أنه موعود بنتائج وعواقب وخيمة مهما ظنّ في نفسه النباهة والذكاء والفطنة ومهما تمادى في هذا المسلك والطريق، فإنه لا يعدو أن يكون كائناً فرداً ضمن مليارات الكائنات في عالمنا الرحب ودنيانا المترامية الأطراف، كما أنه لن يخرج عن نطاق سيطرة الزمن وحركة التاريخ، فضلاً عن وجود من هو أقوى منه عدّةً، وأكثر منه عدداً.
إن صاحب الحيلة والمكر الذي عادةً ما يوصف بأنه راغب في الصعود على أكتاف الآخرين، إنما يسبح عكس التيار، ونقصد به التيار الذي رسمه الله للبشر في الحياة، لأن من المفترض بكل إنسان على وجه الأرض أن يتعامل مع الناس ومع من حوله وفق ما تمليه عليه قواعد الفطرة والإنصاف والرحمة، فضلاً عن ضرورة التعامل معهم بناءً على ما شرعته تعاليم السماء والقرآن وأهل البيت (سلام الله عليهم)، وما جاؤوا به من قيم أخلاق فاضلة.
إن من تعاسة الشخص الذي يرغب بالضحك على الذقون، ويريد استغلال الآخرين، والاستفادة من نقاط ضعفهم أو استغلال تعاملهم الطيب معه وثقتهم به، أنه قد يتعمد تجاهل حقوق الآخرين، ويتجاهل ما ينتظره من العواقب الوخيمة، والقاعدة التي تؤكد ضرورة وحتمية انكشاف الأمور على حقائقها مهما أبدى من الذكاء والدهاء.
ثم إن من يسلك طريق الغدر والمكر تعمى بصيرته، وفي الحقيقة يصاب بأمراض نفسية خطيرة جداً، منها داء التكبّر وداء الطمع، إذ لولا التكبر لكان يملك البصيرة وأمكنه التعرف على حقوق الآخرين وحرماتهم، و لولا الطمع، لتنعّم بفضيلة القناعة بما كتب الله له، ولراح يطلب الخير والرزق والبركة من ينابيعها الصحيحة والصادقة، ولو لا أنه مصاب بالجهل بسنن الحياة الحتمية، لامتنع عن كسرها والشذوذ عليها.
إن الماكر في حقيقة الأمر جاهل أو يتجاهل عن قوله عزوجل: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال،30)، وغبي أو يتغابى عن أن يأخذ الموعظة من قول الله العظيم: "وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا" (الطارق،16-17)، وواضح أن من الكافرين من يكفر بقواعد السماء التي رسمت للحياة حياة الإنسان السعيدة، هذا فضلاً عن أنه قد لايكون قرأ الحكمة القائلة: من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها.
فهلاّ يرعوي الإنسان العاكف على حبك المؤامرات مهما كان نوعها عن الخروج عن جادة (الأنا) وتحطيم حرمات الآخرين؟ وهل يكفّ عن ممارسة رذيلة التكبر ليعيش في رحاب البساطة واستخدام آليات الحلال والتقوى؟ وهل يتأكد لمثل هذا الإنسان أن نهاية المكر خزي وفشل في الدنيا والآخرة، حيث يواجه كتاباً لايغادر صغيرة ولاكبيرةً إلا أحصاها؟
إذن، لممارسة الحيلة والمكر أرضية وعوامل، منها الأمراض النفسية والمتبنيات الفكرية، ومن الحري بالانسان الراغب في التحرر من قيود المادة والانطلاق إلى حيث الفضائل والأفكار الطيّبة والسلوك الرصين، وأن يجد أدوات الوقاية قبل العلاج لهذه الأمراض فلا يعاشر الماكرين ويطهر نفسه ويشذب طموحاته وآماله وأن يتزود بالتقوى والقناعة بما قسم له الله، وليس عيباً عليه أن يطمح إلى كل ما هو راقٍ وسامٍ. شريطة أن يتقن الطرق المستقيمة التي لاتؤدي به إلى تجاوز حدوده والاعتداء على حقوق الآخرين، وبدلاً من اتخاذ المكر وسيلة لتحقيق الهدف عليه أن يعتمد التوكل على الله والإبداع في التفكير والعثور على سبل الوصول إلى الأهداف النبيلة.
علي ضميري
هل تساءلتم أيها الأعزاء عن السبب أو الأسباب التي تدفع بالبعض من البشر لاتخاذ طرق ملتوية أو ضالة في الحياة؟ علماً أن المسير ضمن الطرق الملتوية تعتوره العديد من الصعوبات والمشاكل والعواقب الوخيمة، بينما الانطلاق ضمن جادة الصواب والاستقامة على الطريق الصحيح أكثر سهولة، وأفضل نتائج لمن أراد الراحة وتجنب المشاكل والحصول على العاقبة الحسنى في الدارين؛ الدنيا والآخرة.
ولاريب في أن اتخاذ الإنسان لقرار ما في حياته تسبقه مقدمات تدفعه أو تؤهله إلى اتخاذه، سواء كان هذا القرار ذا شأن بسيط، مثل اتخاذ هذه المهنة أو تلك أو قراءة هذا الكتاب أو ذاك أو الخروج إلى سفرٍ ما أو كان هذا القرار قراراً مصيرياً مثل تشييد صرح الحياة الزوجية أو الهجرة أو غير ذلك من الأمور المهمة.
فأن يعمد الإنسان إلى أسلوب الحيلة والمكر في تعامله مع نفسه ومع الناس فإن ذلك يعني كونه يختزل في ذهنه ونمط تفكيره وقناعاته العقلية والعاطفية نوعاً ونمطاً من التربية تدفعه إلى تجاوز حرمات الآخرين، وتجاوز التعاليم الدينية والإنسانية التي تحذره دائماً من مغبة استغلال من حوله، كما تحرم عليه السلوك الأناني والتفكير المصلحي الذي ينطلق من حب الذات والدنيا، وينصب على كيفية الاستفادة من الآخرين دون التفاعل معهم.
إذن؛ فمن يتخذ سلوك الحيلة والمكر تدفعه عوامل عدة وتبدو عليه صورٌ شتى كما أنه موعود بنتائج وعواقب وخيمة مهما ظنّ في نفسه النباهة والذكاء والفطنة ومهما تمادى في هذا المسلك والطريق، فإنه لا يعدو أن يكون كائناً فرداً ضمن مليارات الكائنات في عالمنا الرحب ودنيانا المترامية الأطراف، كما أنه لن يخرج عن نطاق سيطرة الزمن وحركة التاريخ، فضلاً عن وجود من هو أقوى منه عدّةً، وأكثر منه عدداً.
إن صاحب الحيلة والمكر الذي عادةً ما يوصف بأنه راغب في الصعود على أكتاف الآخرين، إنما يسبح عكس التيار، ونقصد به التيار الذي رسمه الله للبشر في الحياة، لأن من المفترض بكل إنسان على وجه الأرض أن يتعامل مع الناس ومع من حوله وفق ما تمليه عليه قواعد الفطرة والإنصاف والرحمة، فضلاً عن ضرورة التعامل معهم بناءً على ما شرعته تعاليم السماء والقرآن وأهل البيت (سلام الله عليهم)، وما جاؤوا به من قيم أخلاق فاضلة.
إن من تعاسة الشخص الذي يرغب بالضحك على الذقون، ويريد استغلال الآخرين، والاستفادة من نقاط ضعفهم أو استغلال تعاملهم الطيب معه وثقتهم به، أنه قد يتعمد تجاهل حقوق الآخرين، ويتجاهل ما ينتظره من العواقب الوخيمة، والقاعدة التي تؤكد ضرورة وحتمية انكشاف الأمور على حقائقها مهما أبدى من الذكاء والدهاء.
ثم إن من يسلك طريق الغدر والمكر تعمى بصيرته، وفي الحقيقة يصاب بأمراض نفسية خطيرة جداً، منها داء التكبّر وداء الطمع، إذ لولا التكبر لكان يملك البصيرة وأمكنه التعرف على حقوق الآخرين وحرماتهم، و لولا الطمع، لتنعّم بفضيلة القناعة بما كتب الله له، ولراح يطلب الخير والرزق والبركة من ينابيعها الصحيحة والصادقة، ولو لا أنه مصاب بالجهل بسنن الحياة الحتمية، لامتنع عن كسرها والشذوذ عليها.
إن الماكر في حقيقة الأمر جاهل أو يتجاهل عن قوله عزوجل: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال،30)، وغبي أو يتغابى عن أن يأخذ الموعظة من قول الله العظيم: "وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا" (الطارق،16-17)، وواضح أن من الكافرين من يكفر بقواعد السماء التي رسمت للحياة حياة الإنسان السعيدة، هذا فضلاً عن أنه قد لايكون قرأ الحكمة القائلة: من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها.
فهلاّ يرعوي الإنسان العاكف على حبك المؤامرات مهما كان نوعها عن الخروج عن جادة (الأنا) وتحطيم حرمات الآخرين؟ وهل يكفّ عن ممارسة رذيلة التكبر ليعيش في رحاب البساطة واستخدام آليات الحلال والتقوى؟ وهل يتأكد لمثل هذا الإنسان أن نهاية المكر خزي وفشل في الدنيا والآخرة، حيث يواجه كتاباً لايغادر صغيرة ولاكبيرةً إلا أحصاها؟
إذن، لممارسة الحيلة والمكر أرضية وعوامل، منها الأمراض النفسية والمتبنيات الفكرية، ومن الحري بالانسان الراغب في التحرر من قيود المادة والانطلاق إلى حيث الفضائل والأفكار الطيّبة والسلوك الرصين، وأن يجد أدوات الوقاية قبل العلاج لهذه الأمراض فلا يعاشر الماكرين ويطهر نفسه ويشذب طموحاته وآماله وأن يتزود بالتقوى والقناعة بما قسم له الله، وليس عيباً عليه أن يطمح إلى كل ما هو راقٍ وسامٍ. شريطة أن يتقن الطرق المستقيمة التي لاتؤدي به إلى تجاوز حدوده والاعتداء على حقوق الآخرين، وبدلاً من اتخاذ المكر وسيلة لتحقيق الهدف عليه أن يعتمد التوكل على الله والإبداع في التفكير والعثور على سبل الوصول إلى الأهداف النبيلة.