كأنها على موعدٍ معها, في عامها, عام الثقافة العربية, الذي حاول باستحياءٍ شديد أن يقول شيئاً عنها, لم يهتزّ العالم ولم يتغير لون السماء, لم تُشنَّف الآذان بآذان القدس, لم تتزين الفضائيات بآلامها, ولا بآمالها, لم تتشح الصحف كثيراً بها, ولم تلتحف المؤتمرات بوشاحها, ظلت أسيرة قهر أهلها والحاملين وجعَها, ترتدُّ أنّاتهم في صدورهم وجعاً علا وجعا,
كأنها على موعدٍ في عامها معها, يستوطنون أحشاءها, ويبترون أطرافها, ويدكون جدرانها, ويسخرون من أشواقنا, ويشربون من أحواضنا, ويضحكون من عجزنا, ويوسعون من ضيقنا, ويقهرون صكوكنا وأوراقنا, ويهلكون حرثنا ونسلنا, وتحت قبتنا يتمادون في أوجاعنا وجعا,
كلما اقتربنا منها زادوها تشويهاً وجَلْدا, وكلما دنت منها أنظارنا أغرقوها مساحيق, علنا لا نعرفها أو تخطئها عيوننا, أو تضلّ حاسة الشم فينا, فننحرف عنها تيهاً ومنفى, كأنهم في كلِّ مرةٍ يستدلون على علامةٍ تدلّنا عليها فيشرعون في طمسها ليدلّسوا على حواسِّنا, كأنهم يقرؤون خارطتنا ويفككون شفرتنا كلّ مرةٍ نناديها أو نهتف بأغانيها, كأن صوتنا يفضح ما تبعثر من أشواقنا وتقديسنا فيها, وكأنّ طيف روحنا يتحلّلُ فيها, ويرتوي أحمرُه من إيقاع خطونا في مآقيها, ويشرئبُّ نَداهُ لآتيها وماضيها, وهي الذاهبة في غياهب الغيب في غيبها وفي تجليها, فمتى ستصبح نحنُ باكتمال نقصاننا ونقصان نافيها, لم يكن عاماً لها, فلها كلّ الزمان, وهي أقربُ من لحظة وأبعد من مكان, وهي أكثرُ من تضاريس, وأوضح من تفاصيل خارطة, وغامضةٌ كخيوط الضياء, وهي تأتي كما تشتهي وتبقى كما تشتهي, وتراوغنا مثلما تشتهي, وتراودنا كي نطرز أجراسها بالعشاء الأخير قرابين من فضةٍ وحرير, وهي ليست على عجلٍ من الأمر, والوقتُ في عرفها واحدٌ في قدسِها, والمكان,
في عامها هذا في عرسها هذا تنادينا, تفضحُ ضعفنا وجهلنا وتكشف سوءاتنا وسوءنا, تُعرّينا, كم نحن لانحن حتى الآن, كم منّا وكم فينا, لا صدحٌ ولا قدح, ولا ذمٌ ولا مدح, هي استدراجنا فيها, في عامها هذا في عرسها هذا لنُعلنها ونُعلينا؛ كل الزمان لها من أوّلِ العُرْبِ حتّى آخر الروح, كي ننجو ونُنجيها
كأنها على موعدٍ في عامها معها, يستوطنون أحشاءها, ويبترون أطرافها, ويدكون جدرانها, ويسخرون من أشواقنا, ويشربون من أحواضنا, ويضحكون من عجزنا, ويوسعون من ضيقنا, ويقهرون صكوكنا وأوراقنا, ويهلكون حرثنا ونسلنا, وتحت قبتنا يتمادون في أوجاعنا وجعا,
كلما اقتربنا منها زادوها تشويهاً وجَلْدا, وكلما دنت منها أنظارنا أغرقوها مساحيق, علنا لا نعرفها أو تخطئها عيوننا, أو تضلّ حاسة الشم فينا, فننحرف عنها تيهاً ومنفى, كأنهم في كلِّ مرةٍ يستدلون على علامةٍ تدلّنا عليها فيشرعون في طمسها ليدلّسوا على حواسِّنا, كأنهم يقرؤون خارطتنا ويفككون شفرتنا كلّ مرةٍ نناديها أو نهتف بأغانيها, كأن صوتنا يفضح ما تبعثر من أشواقنا وتقديسنا فيها, وكأنّ طيف روحنا يتحلّلُ فيها, ويرتوي أحمرُه من إيقاع خطونا في مآقيها, ويشرئبُّ نَداهُ لآتيها وماضيها, وهي الذاهبة في غياهب الغيب في غيبها وفي تجليها, فمتى ستصبح نحنُ باكتمال نقصاننا ونقصان نافيها, لم يكن عاماً لها, فلها كلّ الزمان, وهي أقربُ من لحظة وأبعد من مكان, وهي أكثرُ من تضاريس, وأوضح من تفاصيل خارطة, وغامضةٌ كخيوط الضياء, وهي تأتي كما تشتهي وتبقى كما تشتهي, وتراوغنا مثلما تشتهي, وتراودنا كي نطرز أجراسها بالعشاء الأخير قرابين من فضةٍ وحرير, وهي ليست على عجلٍ من الأمر, والوقتُ في عرفها واحدٌ في قدسِها, والمكان,
في عامها هذا في عرسها هذا تنادينا, تفضحُ ضعفنا وجهلنا وتكشف سوءاتنا وسوءنا, تُعرّينا, كم نحن لانحن حتى الآن, كم منّا وكم فينا, لا صدحٌ ولا قدح, ولا ذمٌ ولا مدح, هي استدراجنا فيها, في عامها هذا في عرسها هذا لنُعلنها ونُعلينا؛ كل الزمان لها من أوّلِ العُرْبِ حتّى آخر الروح, كي ننجو ونُنجيها